مقاطعة افريقيا البروقنصلية دراسة حضارية

 تناولت المصادر التاريخية القديمة عن الكيانات السياسية التي ظهرت ببالد المغرب القديم، و تمثلت تلك الكيانات في حقيقة الامر في ممالك وطنية محلية و دولة قرطاجية تأسست منذ القرن التاسع قبل الميالد بالجهة الشمالية الشرقية لتلك المنطقة، و إذا كان المغاربة قد استطاعوا التعايش مع أولئك القرطاجيين بل و اندمجوا معهم في عالقات حضارية مختلفة كان لها تأثير متبادل على الطرفين، فإن الوضع مع الغزاة الرومان الذين قدموا إلى المنطقة من شبه جزيرة إيطاليا كان مختلفا.

لقد تعرضت منطقة الحوض الغربي للبحر المتوسط إلى صراع عنيف بين قوتين بحريتين عظيمتين و التي تمثلت في القوة القرطاجية و القوة الرومانية، لم تكن بالد المغرب بجميع كياناتها السياسية بالبعيدة عنه، لذلك فقد كانت نتائج ذلك الصراع ذات انعكاسات مباشرة عليها، فالمصادر التاريخية تخبرنا بأن الحرب البونية األولى ّت عن مغادرة القرطاجيين لجزيرة صقلية بعد تواجد بها انجل دام العديد من القرون، و إذا كانت الحرب البونية الثانية قد حدّت من قوة قرطاجة و كبحت حركتها خارج حدود الدولة القرطاجية فإن الحرب البونية الثالثة قد قضت نهائيا عن ذلك الكيان السياسي القرطاجي بأرض المغرب ليحل محله مقاطعة رومانية سنة 146 قبل الميلاد

و رغم أن الرومان و بعد اعتمادهم لتلك الوالية الرومانية اإلفريقية ضمن تقسيمهم اإلداري للجمهورية الرومانية إال أنهم لم يعملوا على تعميرها و ارسال المستوطنين إليها بشكل جدي، إال أن يوليوس قيصر و عقب انتصاره عن خصومه البومبيين في إفريقيا عزز ذلك التواجد الروماني في تلك المقاطعة التي صارت تسمى بإفريقيا القديمة نظرا لظهور مقاطعة رومانية جديدة و هي مملكة نوميديا التي استولى عليها الرومان إثر انتصارهم على ملكها يوبا األول المتحالف مع البومبيين سنة 46 قبل الميلاد.

و إذا كان القدر لم يهمل يوليوس قيصر من أجل تحقيق جميع مشاريعه االستعمارية في إفريقيا فإن أكتافيوس أغسطس واصل تلك السياسة االستعمارية االستيطانية في أرض إفريقيا لتعرف المنطقة المحتلة من طرف الرومان تغيرات إدارية و سياسية نتج عنها ضم المقاطعتين القديمة التي كانت تمثل دولة القرطاجيين و الجديدة التي كانت تضم نوميديا الشرقية في مقاطعة واحدة عرفت في تلك الفترة بإفريقيا البروقنصلية.

-أهداف دراسة الموضوع: 

إن الغرض من دراستنا لهذا الموضوع هو ابراز تاريخ المنطقة الحضاريإضافة إلى اثراء المكتبةالجامعية بدراسة جديدة و مختلفة حول مقاطعة إفريقيا البروقنصلية. 

-اإلطار الزماني و المكاني: 

ينحصر اإلطار الزماني لهذا الموضوع في الفترة الممتدة بين 27 ق.م – 193 م. بحيث يمثل تاريخ 27 ق.م وصول أكتافيوس للحكم و توحيده لإلفريقيتين تحت اسم مقاطعة إفريقيا البروقنصلية و ذلك بحسب الدارسين و الباحثين ، أما عن تاريخ 193 م فهو يشير إلى انتهاء حكم األباطرة األنطونين في روما و بداية حكم األسرة السيفيرية.

أما عن اإلطار المكاني و الذييتمثل في الحدود السياسية إلفريقيا البروقنصلية التي كانت تجمع بين األراضي القرطاجية سابقا و مملكة نوميديا الشرقية.

للتحميل اضغط هنا