يعمل
هذا الكتاب على الربط بين مفاهيم مختلفة فى مجال علم الإنسان ومواجهتها بعلم
الاجتماع الحديث وبالإشكاليات العالمية الكلاسيكية التى تتعلق بعلم الأعراق على
وجه الخصوص . ومن خلال منهجية مقارنة وتاريخية ، يستحضر المؤلف علم الأنثروبولوجيا
الدينية ، والمعتقدات ، والأساطير ، والأعياد ، والطقوس ، وممارسات قراءة الطالع
والمس . وتكمن اهمية إصدار هذا المرجع من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية فى
النفع الذي يعود ليس فقط على القاريء العادى ، ولكن أيضا على الباحث المتخصص فى
علوم الإنسان والإجتماع والأديان. لذا أرى فى ترجمة ونشر هذا العمل الناضج باللغة
العربية إسهاما فى تثقيف القارئ العربى من خلال علم حديث ، من شأنه توسيع مدارك
فكر الإنسان العربى والإطلاع على ثقافات أخرى ، تدفعه إلى الإعتراف بالتعددية
الثقافية والدينية ولا تجعله يرى الأشياء من منظور واحد أو من ثقافة واحدة ، وربما
يساعد هذا المرجع على ترسيخ فكرة الحوار بين الثقافات والأديان التى تبحث فى
الآونة الأخيرة عن دبلوماسية جديدة تدعم التفهم بين الشعوب
يناقش كلود
ريفيير، أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة السوربون، في كتابه
«الأنثروبولوجيا الاجتماعية للأديان»، ثلاثة جوانب رئيسة تتعلق بأنثروبولوجيا
الأديان؛ وهي: الانثروبولوجيا الدينية، مكانة الأساطير في مباحثها، الطقوس
والشعائر الدينية من منظور أنثروبولوجي – اجتماعي. في الجزء الأول يعرض المؤلف
لإشكالية الدين والمقدس في ثلاثة فصول بدأها بتعريف كل من: الدين والمقدس، ثم عرض
بعد ذلك للأشكال الافتراضية للأديان البدائية والوثنية؛ كالطوطم والمانا والتابو،
منتهياً إلى تقديم نبذة مختصرة جداً حول تاريخ الأنثروبولوجيا الدينية، ورموزها،
ووظائفها.
أما الجزء
الثاني من كتابه؛ والذي أفرده لمعالجة إشكالية الأساطير الدينية وأبعادها
الاجتماعية من منظور أنثروبولوجي، فقد تحدث فيه عن السمات الرئيسة للأسطورة: شكلاً
وموضوعًا، معولاً في ذلك – بصفة خاصة – على نتائج أبحاث كل من: ليفي شتراوس،
وفرويد، ويونغ، وروجيي كايوا، ومالينوفسكي، وغيرهم. وتبعاً لذلك، تحدث ريفيير
باستفاضة عن معنى الأساطير، وغاياتها، ومقاصدها، وتأثيرها في المشاعر الدينية بصفة
خاصة، كما عرض لبحث علائقها المختلفة بالتحليل النفسي؛ كما في أسطورة أوديب، وعرض
أيضاً لوظائف الأساطير النفسية، والإدراكية، والتربوية، والاجتماعية، والسياسية.
وقد أفضى به ذلك كله إلى دراسة علاقة الأسطورة بالمقدس الديني، مع توضيح الخلط
الواقع بينها وبين الدين.
في الجزء
الثالث من كتابه استفاض ريفيير في الحديث عن الطقوس والممارسات والشعائر؛ معرفاً
إياها بالقول: «الشعيرة عبارة عن مجموعة من الأفعال المتكررة والمقننة التي تحظى
غالباً بالاحترام، ولها نظام تأدية شفهي أو حركي، ومحملة بالرّمزية، وقائمة على
الإيمان بالقوة الفعالة للقدرة العليا التي يحاول الإنسان أن يتصل بها بغرض الحصول
على نتيجة مرجوة». ومن هنا جاء حديثه حول ارتباط الشعائر بنزعات التطهير والكفارة
في الديانات السماوية والهندوسية، وبطبيعة الحال في الأديان البدائية التي كانت
تقام فيها الشعائر التكفيرية وسط جو من التوتر والحزن حتى تعم التعاسة أو البؤس
الباعث على الجزع.


تعليقات
إرسال تعليق
للاستفسار اكتب تعليق