و لم يكن هناك دافع أخر للاهتمام بدراسة التاريخ الروماني سوءا اتصاله الوثيق بتاريخ دول الشرق الأدنى القديم على مدى عدة أجيال لكان ذلك وحده ً كافيا، فما بالنا إذاكان الرومان عمالقة الحضارة الإنسانية، وتاريخهم يمدنا بمثال مميز لدورة كاملة بالغة الأهمية من دورات الحضارة من نهوض وارتقاء إلى تدهور واضمحلال سببها تحكم الأهواء والأطماع الشخصية في توجيه دفة الحكم.
وبمـا إن بـلاد فـارس كانـت أقوى دولـة في الشـرق الأدنـى القديم آنـذاك فقدما الدولـة وجـد الرومـان فـي الكيانـات السياسـية التـي قامـت علـى أرضهـا ولاسـيما الساسـانية ً سـدا ً قويـا يقطـع عليهـم الطريـق فـي الاسـتيلاء علـى مناطـق الشـرق الإسـتراتيجية، ويحـول دون الاسـتمرارفـيسياسـتهم التوسـعيةنحو سـيادةالعالم، ومـن هنـا جاءاختيارنـا لموضوع الدراسـةرغبةفيالتعـرفعلىالأسـبابالحقيقية ّما العراق وسـوريا للتنافـس العدائـي الـذي عانت مـن وطئتـه مناطق الشـرق ولاسـي وأرمينيـا وتزعمتـه أقوى إمبراطوريتين فـي العالم آنذاك وهمـا الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الساسانية.
وبعد أن تأكد لي من الأساتذة المختصين إن موضوع (التنافس الروماني - الساساني 226 - 476م) لم يدرس بشكل مستقل، وإنه لا يوجد ما يتناوله، عقدت العزم على البحث في تفاصيل ذلك التنافس ودقائقه في دراسة مستقلة لعلها تمدنا بأمثلة ناطقة للأساليب السياسية التي لا تفتأ الدول الكبرى تستخدمها لتحقيق أهدافها الذاتية.
وفقًا للمؤرخ جيمس هاوارد جونستون، «كان المنافسون، في الشرق، أنظمةً سياسيةً كبيرةً ذات دوافع استعمارية، وذلك منذ القرن الثالث قبل الميلاد وحتى أوائل القرن السابع الميلادي، وكانت هذه الأنظمة قادرةً على تأسيس وتأمين أقاليم مستقرة متجاوزةً الانقسامات الإقليمية». تقابل الروم والفرثيون عبر غزوهم لأجزاء من الإمبراطورية السلوقية. هاجر الفرثيون من سهوب آسيا الوسطى إلى إيران الشمالية خلال القرن الثالث قبل الميلاد. وعلى الرغم من هزيمتهم بواسطة السلوقيين، تمكن الفرثيون من الانفصال عنهم في القرن الثاني قبل الميلاد، وأسسوا دولةً مستقلة تمددت بانتظام على أراضي حكامهم السابقين، وتمكنوا من غزو بلاد فارس، وبلاد الرافدين، وأرمينيا على مدار الفترة بين القرن الثالث إلى القرن الأول قبل الميلاد. تصدى الفرثيون، في ظل حكم السلالة الأرسكيدية، للعديد من المحاولات السلوقية لاستعادة الأقاليم التي فقدوها، وأسسوا أفرع من سلالتهم لتحمل اسمهم في بلاد القوقاز، مثل السلالة الأرسكيدية لأرمينيا، والسلالة الأرسكيدية لإيبيريا، والسلالة الأرسكيدية لألبانيا القوقازية. وفي هذه الأثناء، طرد الروم السلوقيين من أقاليمهم في الأناضول في أوائل القرن الثاني قبل الميلاد، بعد هزيمة أنطيوخوس الثالث الأعظم في معركة ثيرموبيلاي ومعركة ماغنيسيا. وأخيرًا، تمكن بومبيوس الكبير من غزو الأقاليم السلوقية الباقية في سوريا عام 64 قبل الميلاد، ليضع حدًا لدولتهم وليتقدم بالروم نحو الحدود الشرقية وصولًا إلى الفرات، حيث تقابل مع إقليم الفرثيين. إن التنافس بين الإمبراطوريتين الرومانية والساسانية الذي استمر قرابة قرنين ونصف (226-476م) هو تنافس متوارث تعود جذوره إلى حوالي سنة 129ق.م وهي السنة التي أستولى فيها الرومان على مملكة برجاموم وأصبحوا أقوى دولة في الشرق ولم يعد ينقصهم لإتمام سيطرتهم عليه سوى القضاء على الدولة الفرثية ولذلك دخلوا في صراع طويل معها استمر قرنين ونصف (92ق.م-217م) وما كادت تقطف ثمار ذلك الصراع حتى وجدت نفسها في صراع أخر مع الدولة الساسانية خليفة الدولة الفرثية على عرش بلاد فارس ، ولم يتوقف ذلك الصراع بين الإمبراطوريتين حتى بعد سقوط القسم الغربي من الإمبراطورية الرومانية .
إن التنافس بين الإمبراطوريتين الرومانية والساسانية الذي استمر قرابة قرنين ونصف (226-476م) هو تنافس متوارث تعود جذوره إلى حوالي سنة 129ق.م وهي السنة التي أستولى فيها الرومان على مملكة برجاموم وأصبحوا أقوى دولة في الشرق ولم يعد ينقصهم لإتمام سيطرتهم عليه سوى القضاء على الدولة الفرثية ولذلك دخلوا في صراع طويل معها استمر قرنين ونصف (92ق.م-217م) وما كادت تقطف ثمار ذلك الصراع حتى وجدت نفسها في صراع أخر مع الدولة الساسانية خليفة الدولة الفرثية على عرش بلاد فارس ، ولم يتوقف ذلك الصراع بين الإمبراطوريتين حتى بعد سقوط القسم الغربي من الإمبراطورية الرومانية .


تعليقات
إرسال تعليق
للاستفسار اكتب تعليق